كتاب «عيون الحكمة» لابن سينا موجز بسيط يشمل الحكمة النظرية بأقسامها الثلاثة التقليدية في الفلسفة الإسلامية المشائية و هي: المنطق، و الطبيعيات، و الإلهيات. هو موجز لأنه لم يتضمن إلا المعانى العامة في هذه الأقسام دون الدخول في التفصيلات، و هو لهذا أشبه ما يكون بمذكرة تسجل رءوس الأقلام؛ و لهذا كان صالحا ليكون أساسا للشرح التفصيلى في التدريس أو التأليف؛ و من هنا وجدنا من يشرحه فيوسع القول بما يزيد عن الأصل مائة مرة كما فعل الفخر الرازى في شرحه لهذا الكتاب. و فائدة هذا النوع من الموجزات ظاهرة، خصوصا في العصر الوسيط، حيث كانت الذاكرة تلعب في التحصيل أخطر دور. فما على طالب الحكمة إلا استظهار هذا الكتاب ليكون ملما، بل محيطا بأطراف الحكمة النظرية في أصولها العامة: و هذا هو الأساس الأول لكل تعليم مدرسي ، سواء في العالم الإسلامى و في العالم المسيحى طوال العصر الوسيط.
و هو بسيط لأنه لا يعرض إلا الأصول العامة المقررة بين أهل الحكمة، دون الدخول في الخلافات و الآراء و ترجيح بعضها على بعض و نقد مذهب المخالفين و تأييد المذهب الخاص الذي يعتنقه المؤلف. فهذا الأمر الأخير متروك للشارح أو الأستاذ يفيض فيه ما واتاه القول و اتسع له الصدر و أعان عليه السامعون أو من يتجه إليهم بالشروح المكتوبة.