يعتقد فلاسفة العرب أنَّ كلمة سياسة يُراد بها: «تلافي الخلل وإصلاح الفاسد»، ولمَّا كان الفساد والخلل يطرآن على الإنسان وأعماله، وضع بعضُهم مقالات ورسائل في هذا الموضوع يختلف تقسيم بعضها عن بعض، ولكن مرجعها في الغالب الأعم واحد.إن سياسة ابن سينا مع إيجازها وقلَّة ابتكارها، وبعض الهنات التي تعتورها لا تزال أفيد كتبه وأحسنها، كلُّ مَن يدرسها يستفيد منها حتى في عصرنا هذا. والهفوة الوحيدة البارزة في هذه الرسالة البليغة هي ابتعاد الرئيس عن الكلام عن واجبات الإنسان نحو خالقه كما صنع أستاذه الفارابي في سياسته، ولعلَّنا نجد له بعض المعذرة فيما قاله: «انقضت الأبواب التي مثلنا فيها ما يحق على الرجل فعله … وإنما ذكرنا القليل من الكثير، والجمل دون التفسير …»