رواية قصيرة جميلة للكاتب العبقري أوسكار وايلد تتميز عناصر عديدة تجعلها مليئة بالجاذبية والسحر. أولا وقبل كل شيء، نجد فيها أسلوب وايلد الساخر والنقدي الجذاب الذي يظل محورا للإهتمام حتى في هذا العصر، على الرغم من كتابتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر . ومن ثم للعنصر الثاني الذي يزيد من جاذبية هذه الرواية هو البساطة النسبية في السرد، إذ يتيح عمق الكاتب للقارئ فهم القضايا التي كانت مثارة في زمنه، وكيف تفاعل المجتمع المعاصر معها، وكيف تطورت الأفكار.تعكس الرواية التناقضات الكبيرة بين أساليب الحياة والتفكير ورؤية العالم فيما بين العالم القديم والعالم الحديث، أو بين أوروبا وأمريكا في تلك الفترة.نشهد تصادم بين الأرستقراطية وكل ما تمثله من محافظة وتقاليد قديمة ومعتقدات خارقة، وبين العقلانية الأمريكية التي تؤمن بها هو مادي ملموس فقط.ومع ذلك يبقى الكاتب محايدا نسبيا في تقديم هذا التصادم .منذ البداية لم نفوت فرصة الإستماع بلهفة وحماس شديدين، وهما الدوق الإنكليزي الشاب مع ابنه الوزير المفوض الأمريكي، اللذين كانا مثالا للجمال والبراءة ورمزا للإنسانية الخالصة. على الرغم من تحيز هذا الوزير لحزبه الديمقراطي الذي كان يعتبره تجسيدا لمبادئ الجمهورية الخالدة، إلا أن الصراع الذي نشأ عن هذا التناقض انتهى نهاية سعيدة، حيث تم إنقاذ الفتاة، رمزالإنسانية النقية، من الشبح أو العالم القديم المعذب وكانت النهاية السعيدة أيضا بزواج الشابين على الرغم من اعتراض أهلهما. وتم نقل مجوهرات عائلة كانترفيلد القديمة والنفسية إلى عروسها الأمريكية، على الرغم من رؤية زوجة الوزير الأمريكي لهذه المجوهرات بأنها جميلة وثمينة، إلا أن والده كان يشعر بالقلق من أنها قد تجعل ابنته تولع بالمظهر الخارجي وتنسى روح بساطة الجمهورية الديمقراطية . ولكن الفتاة لم تنس أبدا أن تضع اكليل الزهور البيضاء في ليلة زفافها، رمزا للفتاة الأمريكية النموذجية. وهكذا اطمأن الكاتب واطمأننا على مستقبل سعيد. وفي النهاية ألاحظ شبها بين وايلد والدكتور لويس عوض ليس في الروح الساخرة الحديثة، ولكن في أن كليهما كان إسهاما أكبر بكثير مما ناله من تعرف واسع للقراء.ورغم التقدير الهائل للكاتبين في الثقافة العربية، إلا أن هذا التقدير لا يعبر عنه إلا عندما يتم ذكر اسميهما لأي مناسبة.