حيران بن الأضعف يروي في هذا الكتاب قصة إيمانه ويقول بأنه لما كان يطلب العلم في جامعة (بيشاور)، كانت النفس الطلعة مشوقة بفطرتها، إلى المعرفة، تستشرف كل غيب، وتشرئب إلى كل مجهول فتبحث عن أصل كل شيء وكنهه، وسببه وعلته، وسره وحكمته، فكان دأبه أن يسأل الشيوخ والرفاق، عن هذا العالم، ما هو، ومتى خلق، ومم خلق، ومن الذي خلقه، وكيف خلقه، ولم يجب سُؤله سوى الشيخ أبو النور الموزون السمرقندي، الذي بدوره مرّ برحلة الشك تلك فطلب منه الشيخ الجسر بالانكباب انكباباً صحيحاً على الفلسفة لأن القراءات المشوشة والمبتورة للفلسفة شديدة الخطر على العقل والإيمان، فالعقل والإيمان يكمل أحدهما الآخر، والفلسفة بحر، على خلاف البحور، يجد راكبه الخطر والزيخ في سواحله وشطآنه، والأمان والإيمان، في لججه وأعماقه.فأرشده أبوه إلى اللحوق بشيخه الموزون الذي يقيم قرب سمرقند في بلدة (خرتنك) التي فيها مقام الإمام البخاري، فلحق بالشيخ ولقيه وشكا إليه ما يجد فأمره أن يشتري دفتراً يدوّن فيه حوار الرحلة الطويلة التي لا بد منها للخروج من الشك فيبدأ الحوار في التعريف بالعلم والفلسفة والفرق بينهما والميتافيزيقيا، ثم يناقش آراء الفلاسفة كالمعلم الأول وفيتاغور وبارمنيدس وديمقريطس وفلاسفة المسلمين كالفارابي وابن سينا والرازي، وعقد فصلاً بين "دارون والجسر" وتكلم في الحظوظ والمصادفة ثم تكلم في الآيات الكونية: السماء والقطاره الإنبيق (الماء) والهواء والنفس البشرية ومساكن الجن... ثم أوصاه وصيته.